دليل المرونة للتعافي من الصدمات والشدائد

دليل المرونة للتعافي مِن الصدمات والشدائد
المهارات اللازمة للتعافي من التوتر والصدمات والشدائد
معالجة منهجية خطوة بخطوة بهدف مساعدتك في:
التعافي من الانتكاسات-مواجهة الضغوط بهدوء-تنظيم مشاعر الأسى
بناء تقدير الذات والقوة الداخلية-الازدهار في المواقف الصعبة
ما المرونة؟
يستطيع أغلب الناس بالفعل أن يدركوا معنى المرونة، وقد طرحت تساؤلًا على الناس في مواقف عديدة في سياق عملي حول ما الذي يطرأ على أذهانهم إذا ذكرت «المرونة»، فقالوا:
• هي القدرة على استعادة العافية من خلال مهارات جديدة.
• هي القدرة على خوض المواقف الصعبة والتكيف والقيام بالمهامّ على مستوى عالٍ.
• هي خاصية مقاومة التوتر والصدمات والحفاظ على القالب (كان هذا تعريف أحد المهندسين!).
• هي القدرة على امتصاص التوتر والحفاظ على الذات.
• هي القدرة على تلقي أقوى الضربات والاستمرار في العمل (مأخوذ من إعلان قديم عن ساعات «تايمكس»).
• هي القدرة على التعامل مع الاضطرابات الداخلية عالية النبرة وعدم الخوف من المواجهة.
• الأمور رائعة بغضّ النظر عن التوقعات الجوية، حيث يكون التحمل أفضل ولمدة أطول في الطقس الرطب (من إعلان طلاء «ريزيليانس بينت»، ستولتز 2014).
وتوجد المئات من التعريفات لمصطلح «المرونة» في أدبيات علم النفس. وسأستخدم ما يلي تعريفًا نصطلح عليه في أثناء عملنا: «إنّ المرونة تتضمن كل القوى الكامنة في العقل وفي الشخصية -ما جُبلنا عليها وما طوّرناها- التي تساعد الفرد على الاستجابة بشكل جيد للشدائد، بما في ذلك القدرة على منع الحالات المرتبطة بالضغوط مثل الاكتئاب أو القلق أو ما يشبههما، والتعافي بشكل أسرع وأكثر اكتمالًا من التوتر والظروف المرتبطة به، وتحسين اللياقة الذهنية والأداء في مجالات الحياة المختلفة».
وكما يشير هذا التعريف فإن المرونة تُعَدّ قضية قياسية، بمعنى أننا جميعًا نمتلك نقاط القوى العقلية والشخصية منذ أن كنا أجنّة -تمامًا كالبذور الصالحة للنمو، ولا يستطيع المرء أن ينجو لفترة طويلة إن افتقر تمامًا إلى القدرة على المقاومة. إنّ لديك المقدرة لتتمكن من زيادة قدرتك على التأقلم بدرجة كبيرة، إذ توحي الاستجابة للشدائد بطريقة جيدة بأننا نتكيف بهدوء وبمقدرة مع الظروف المتغيرة، وذلك استنادًا إلى نقاط القوة المتاحة، سواء كانت عقلية أو روحية أو عاطفية أو بدنية أو مادية أو اجتماعية (كما في حالة وجود الموجِّهين أو الأسرة أو الأصدقاء).
فالمرونة هي المسار، وهي الدَرَج. فقد تكون أنت على الدرجة الرابعة من السلّم وأكون أنا على الدرجة الأولى، إلا أننا بإمكاننا أن نتحرك معًا وصولًا إلى قمة السلّم، آملين أن تزداد مستويات تأقلمنا لتفوق المد المتزايد من التوتر. وبإمكانك أن تزيد قدرتك على التأقلم بالتدريب على مهارات التأقلم، فكلما عملنا على بناء قدرتنا على التأقلم تحسنت الصحة وكفاءة الأداء.
لماذا تُعَدّ المرونة أمرًا ضروريًّا؟
لإحداث المرونة فوائد عظيمة وحيوية.
أولًا: تعمل المرونة على مقاومة المشكلات النفسية التي تزعج كثيرين منا. فإن ما يقارب خمسين بالمئة من البالغين الأمريكيين سوف يتعرضون للمعاناة من إحدى الحالات المتعلقة بالضغوط، وإن معدلات انتشار تلك الحالات آخذ في الازدياد على مستوى العالم. ونحن في غنى عن كثير من أنواع تلك المعاناة، إذ تستطيع قدرتنا على التأقلم أن تمنع بدرجة كبيرة تلك الحالات من التطوّر أو التكرار، وفي حالة حدوث تلك الحالات تستطيع المرونة تقليل حدة الأعراض وتسهل التعافي.
ثانيًا: تقف المرونة حجر عثرة أمام عديد من المشكلات الطبية والوظيفية، فالثمن العاطفي الناجم عن الحالات المتعلقة بالتوتر فادح بما فيه الكفاية. وعلى الرغم من ذلك فإن العقل والجسد متصلان معًا، لذلك فإن التوتر العاطفي المفرط الذي لا يُعالَج يجعلنا أكثر عرضة لنطاق عريض من الأمراض الطبية، وللوفاة المبكرة، ولضعف الأداء، سواء كان ذلك يتعلق بالعمل أو البيت أو أشكال اللهو.
ثالثًا: تتعلق المرونة بالإتقان والنمو، فالمرونة تقوم بما هو أكبر من مقاومة المشكلات، إذ إنّها تعمل على تحسين رفاهيتنا على الوجه الأمثل، كما تساعدنا القدرة على التأقلم على الازدهار من الناحية العقلية والعاطفية والبدنية والاجتماعية والروحية، وعلى أداء مهامنا على أفضل وجه، وبصفة خاصة في أوقات الشدائد. فمع وجود المرونة نصبح أكثر ميلًا إلى الهدوء والإنتاجية والاستمتاع بالحياة بطريقة أفضل. وفي المقابل، فإن أولئك الذين يفتقدون المرونة يميلون إلى أن تزداد معدلات غيابهم عن أعمالهم، وإلى أن يتخلوا عن مسيرتهم العملية مبكرًا.
مَن المستفيدون مِن خلق المرونة؟
إنّ هذا الكتاب العملي موجَّه إلى الجميع، بصرف النظر عن المستوى الحالي لصحتك العاطفية أو لأدائك لمهامك. وستزيد احتمالية استفادتك من هذا الدليل العملي في حالة كونك:
• تريد فقط أن تحسّن إحساسك بالرفاهية أو تحسّن أداءك في المنزل أو العمل أو في العَلاقات أو في أي منحى هام آخر من مناحي الحياة.
• قد تعرضت أو أنك معرض لخطر إحدى الحالات المتعلقة بالضغوط التي جرى سردها
• تتعافى من إحدى الحالات المتعلقة بالضغوط.
• قد نجوت من ضغوط هائلة، أو أن هناك احتمالًا لأن تواجه أحدها، كالإرهاب أو الاساءة أو الحرب أو الصدمات الأخرى أو الطلاق. فمع أن الناجين من تلك الأحداث قد لا تتطوّر لديهم الاضطرابات النفسية، إلا أن غالبيتهم تتطوّر لديهم أعراض مقلقة في ما بعد.
• قد تعرضت أو أنك معرض لخطر الإصابة بإحدى الحالات الطبية الكثيرة المتعلقة بالضغوط، التي تتضمن أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم ومتلازمة القولون العصبي والآلام المزمنة وآلام العضلات الليفية والتهاب المفاصل الروماتيزمية وأمراض الغدة الدرقية والصدفية والسمنة المفرطة ومتلازمة التمثيل الغذائي والشكاوى المتعلقة بأمراض النساء ومرض السرطان.
• ترغب في الانطلاق لما بعد التعافي وترغب في الازدهار.
• جنديًّا محترفًا أو ضابطَ شرطة أو إطفائيًّا أو أحد مسؤولي الطوارئ، إذ يتعرض الأفراد في تلك المهن عالية الخطورة لمعاناة أكبر من متوسط معدل الحالات المتعلقة بالضغوط المذكورة، جنبًا إلى جنب مع معدلات الطلاق المرتفعة وتخلي الفرد باختياره عن عمله قبل الأوان. وعلى الرغم من أن التدريب على تلك المهن يعمل على تجهيز مسؤولي الطوارئ بدرجة تقنية عالية، فإنّ كثيرين يقولون إنهم لم يكونوا مستعدّين للعواقب العاطفية التي تلت معاناتهم.
• مختصًّا بالصحة النفسية أو رجل دين أو مدربًا أو والدًا أو قائدًا أو معلمًا يأمل في تحسين أحواله أو أحوال الآخرين.
وإيجازًا لما قيل، فإنّ خلْق المرونة يمكن أن يكون مفيدًا للجميع. أيمكنك أن تتخيل وجود شخص ما لا يتمكن من الاستفادة من زيادة المرونة؟
كلمة حول اضطراب ما بعد الصدمات (PTSD):
يُعَدّ الاضطراب بعد الصدمات أعقد الحالات النفسية المتعلقة بالتوتر. وهو غالبًا ما يحدث مع واحدة على الأقل من الحالات المذكورة، ولها عديد من عوامل الخطر الشائعة. لا يعاني كل من يقرأ هذا الكتاب من اضطرابات ما بعد الصدمة، إلا أنك لو استوعبت طبيعة وكيفية علاجها فإنك سوف تفهم كثير حول طبيعة الحالات المتعلقة بالتوتر والوقاية منها وعلاجها، وهذا هو السبب الذي دفعني إلى الإشارة إلى تلك الاضطرابات في هذا الكتاب.
عن المؤلف.
عَمِلَ الدكتور جلين ر. شيرالدي بأقسام إدارة التوتر في البنتاجون، والمؤسسة الدولية لمعالجة التوتر الناجم عن الأحداث الحرجة، وجامعة ميريلاند، وقد نال جائزة التعليم المتميز وغيرها من الجوائز عن التعليم والخدمات. وقد تُرجِمَت كتبه حول الموضوعات المتعلقة بالتوتر إلى ست عشرة لغة، وكان من بينها: «الدليل العملي للمرونة»، و«الدليل العملي لتقدير الذات»، و«10 حلول بسيطة لبناء تقدير الذات» و«الكتاب المرجعي حول اضطرابات توتر ما بعد الصدمات» و«الكتاب المرجعي لإدارة الغضب». وقد جرى إبراز كتابات جلين لدى عديد من المصادر العلمية والشعبية، بما في ذلك جريدة «واشنطن بوست»، الجريدة الأمريكية، لتطوير الصحة ومراجعات صحية عقليًّا وجسديًّا، والرسالة الإخبارية للجمعية الدولية للتحكم بالتوتر والشد العصبي. وقد قدم تدريبات للأشخاص العاديين والأطباء في جميع أنحاء العالم على مختلف جوانب المرونة والصدمة، بهدف تحسين الصحة العقلية والأداء مع الوقاية وتعزيز التعافي من الحالات المرتبطة بالتوتر. وقد أثبتت جامعة ميريلاند أن دوراته عن العقل/الجسد القائمة على المهارات تعمل على تحسين تقدير الذات والمرونة والسعادة والتفاؤل والفضول، مع الحد من أعراض الاكتئاب والقلق والغضب. وقد عمل في هيئة تحرير المجلة الدولية للحالات الطارئة للصحة العقلية والمرونة البشرية، ومجلس إدارة جمعية الاكتئاب والاضطرابات العاطفية المتعلقة به. وقد تخرَّج في أكاديمية وست بوينت العسكرية بالولايات المتحدة، وهو حاصل على درجات علمية من جامعة بريجام يونغ وجامعة ميريلاند