التعافي من تجارب الطفولة السيئة : معالجة للجراح الدفينة منذ الطفولة وآثارها في الصحة العقلية والنفسية في مرحلة النضج

التعافي من تجارب الطفولة السيئة معالجة للجراح الدفينة منذ الطفولة وآثارها في الصحة العقلية والنفسية في مرحلة النضج مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة الجديدة للمساعدة في التغلب على تدني تقدير الذات والشعور بالخزي والاكتئاب والقلق والصدمات العاطفية وغيرها من الآثار طويلة المدى لضغوط الطفولة المسببة للضرر
لماذا هذا الكتاب؟
لقد أصبحنا مدركين الآن أن الكيفية التي نختبر بها أنفسنا بشكل متعمق تؤثر في صحتنا النفسية العامة وفي أدائنا لعملنا، إلا أن محاولة تغيير تلك الخبرة من خلال التركيز على أنماط الفكر الحالية فقط تُعَدّ أمرًا غير فعّال على الإطلاق، إذ إنّ المطلوب هو نهج جديد، نهج بإمكانه أن يداوي جراح الماضي الخفية بصورة مباشرة وعلى مستوى أكثر عمقًا. وفي سياق هذا الكتاب ستتعلم كيفية تحويل المعاناة والشعور بالذنب، اللذين يتكونان في غالب الوقت في أثناء سنوات العمر الأولى تحت مستوى الإدراك الواعي، إلى إحساس بالذات آمن وصحي. ستستحضر المشاعر التي تحس بها إلى العلن، تلك المشاعر المتعلقة بعدم الارتياح الذي تعجز الكلمات عن التعبير عنه، والذي يبدو أنه ليس بمقدورك التخلص منه، والمشاعر المتعلقة بوجود خطأ ما لديك، لتحل محلها مشاعر السعادة الداخلية المطمئنة بأنك قد أصبحت على طبيعتك.
بالإضافة إلى مداواة الجراح الخفية منذ سنوات العمر الأولى، فإنه يمكنك أن تتوقع بطريقة منطقية أن المهارات المتضمنة في هذا الكتاب سوف تعمل على تحسين صحتك العقلية والجسدية بشكل عامّ (وينبرج 2013). وفي أثناء استحضارك لذاتك بعد التئام جراحها بشكل كامل فإنك ستستمتع تمامًا بالحياة وستكون موجودًا قلبًا وقالبًا من أجل نفسك ومن أجل أولئك الذين تهتمّ بشأنهم.
كيف أحقق الاستفادة القصوى من هذا الكتاب؟
يدور هذا الكتاب حول ممارسة المهارات وإتقانها، وذلك لأنّ المعرفة وحدها ليست كافية حتى تُحدِث تغييرًا بعقلك. لذا فإن هذا الكتاب يتبع تسلسلًا منطقيًّا، إذ تتأسس كل مهارة على ما سبقها من مهارات. وقد تجد لديك رغبة في تجاوز بعضها، إلا أن احتمال حصولك على أقصى استفادة سيتحقق من خلال العمل بهذا الكتاب من بدايته إلى نهايته، والتمعُّن بشكل جيّد في كل مهارة قبل انتقالك إلى ما يليها.
كيف يُقسَّم هذا الكتاب؟
ستتعلَّم في الجزء الأول كيف تؤدي الضغوط النفسية المؤذية الناتجة عن تجارب الطفولة السيئة (ACEs) إلى إلحاق الضرر بصحتك الجسدية والعاطفية، وكيف تعمل روابط المحبة في مرحلة الطفولة على مساعدة المخ حتى ينمو بشكل صحيح.
وسيرشدك الجزء الثاني بشكل فعال للغاية على مدار رحلتك نحو الشفاء. ويشرح الفصل الرابع لماذا توجد أسباب وجيهة وراء الأمل في التداوي من تجارب الطفولة السيئة، فلقد تعلّمنا كثيرًا في السنوات الأخيرة عن الذكريات الصادمة وكيفية التشافي منها بجهودنا الخاصة أو إذا تطلَّب الأمر، بمساعدة إخصائي صحة عقلية متمكن.
يعمل كل من الفصل الخامس والسادس والسابع على تعزيز عقلك وإعداده من أجل رحلتك الاستشفائية. وسيُعلِّمك الفصلان الخامس والسادس كيف تنظِّم الضغوط النفسية والعواطف الجياشة القوية حتى يتمكن عقلك من العمل على أكمل وجه. كما سيوضح لك الفصل السابع مفاتيح تحسين صحة العقل ووظيفته ومزاجيته، إذ يجهز عقلك من أجل إعادة تفعيله بسرعة بطرق صحية.
تعمل صور التنشئة على محاكاة أواصر المحبة المترابطة التي تعزز نموّ الدماغ السليم. سترشدك الفصول من الثامن إلى الحادي عشر إلى ابتكار تجارب جديدة للتنشئة، تلك التجارب التي كانت مطلوبة ولكن ربما افتقدتَها في سنوات عمرك الأولى. في بعض الأحيان يؤدي توفير الرعاية اللازمة من مقدمي الرعاية المثاليين المتخيَّلين، وأحيانًا من نفسك، إلى ابتكار هذه التجارب التخيلية لأنماط عصبية بنَّاءة في المخ، إذ تبدأ في معادلة الترابطات العقلية المضطربة الناتجة عن تجارب الطفولة السيئة. وستساعدك المسارات العصبية حديثة التكوين على الشعور والعمل على خير ما يرام. وستبدأ في الفصل الثاني عشر في تنمية نمط تخفيف التجارب الصعبة من خلال الراحة والحماية والتشجيع. وكلما تقدمت ستُعِدُّكَ المهارات التي ستتعلمها حتى هذه المرحلة من أجل معالجة وتضميد جراحك المبكرة.
وستتعلَّم في الفصلين الثالث عشر والرابع عشر كيفية اقتفاء أثر الأحداث أو الأفكار القريبة المزعجة المرتبطة بالطفولة، التي تؤثر في حياتك الحاليَّة. وستتعلم كيف تعمل على معالجة الأحداث القريبة وكذلك الجراح القديمة.
إنَّ الشعور بالذنب هو لُبّ كثير من مشاعر المعاناة لدى الناجين من تجارب الطفولة السيئة. لذا ستتعمَّق الفصول من الخامس عشر إلى الثالث والعشرين في جوهر معاناتك، موضحةً لك كيف يمكن أن يحل الشعور بالأمن الداخلي والسعادة المطمئنة محل الشعور المؤلم بالذنب.
الكُلّ سيعاني، غير أنّ في الحياة ما هو أكثر من المعاناة، بل حتى من التشافي. وستعرض لك الفصول من الرابع والعشرين إلى الثامن والعشرين الطُّرق الانتقالية بعد الشفاء من أجل إيجاد حياة مُرضيَة ومبهجة.
وفي الختام، سيقدِّم لك الفصل التاسع والعشرون فرصة للتمعن في المبادئ والمهارات التي قد ساعدتك بأكبر قدر، وسينشيء لك خطة حتى تحتفظ بمهاراتك مصقولة طَوال رحلة حياتك.
إنَّ ما أنشده هو أن تصبح معالجًا رئيسيًّا وخبيرًا في تنمية صحتك على الوجه الأمثل، حيث الإحساس الصحي بالذات والأمان الداخلي والشعور بالارتياح، فتلك هي أهداف هذا الكتاب. خُذ ما تحتاج إليه من الوقت لأن رحلة التشافي تستحقّ وقتك وجهدك، فخُضها على قدر طاقتك. وإذا غمُض عليك أي جزء من هذا الدليل العملي فدعه جانبًا لفترة واستخدم مهارات التهدئة التي ستتعلمها، أو قد ترغب في إيجاد إخصائي صحة عقلية متمكن ليدعمك في رحلتك العلاجية.
هيا نبدأ رحلتنا هذه معًا.

 :عن المؤلف
لقد عمل الدكتور جلين ر. شيرالدي بأقسام إدارة التوتر في البنتاجون والمؤسسة الدولية لمعالجة التوتر الناجم عن الأحداث الحرجة وجامعة ميريلاند حيث تلقى جائزة التعليم المتميز وغيرها من الجوائز عن التعليم والخدمات. وقد ترجمت كتبه حول الموضوعات المتعلقة بالتوتر إلى ست عشرة لغة، وكان من بينها: الدليل العملي للمرونة الدليل العملي لتقدير الذات وعشرة حلول بسيطة لبناء تقدير الذات والكتاب المرجعي حول اضطرابات توتر ما بعد الصدمات والكتاب المرجعي لإدارة الغضب. وقد تم إبراز كتابات جلين لدى العديد من المصادر العلميّة والشعبية بما في ذلك جريدة الواشنطن بوست، الجريدة الأمريكية لتطوير الصحة ومراجعات صحية عقليا/ وجسديا، والرسالة الإخباريّة للجمعية الدولية للتحكم بالتوتر والشد العصبي. وقد قدم تدريبات للأشخاص العاديين والأطباء في جميع أنحاء العالم على مختلف جوانب المرونة والصدمة بهدف تحسين الصحة العقلية والأداء مع الوقاية وتعزيز التعافي من الحالات المرتبطة بالتوتر. وقد أثبتت جامعة ميريلاند أن دوراته عن العقل / الجسد القائمة على المهارات تعمل على تحسين تقدير الذات والمرونة والسعادة والتفاؤل والفضول مع الحد من أعراض الاكتئاب والقلق والغضب. وقد عمل في هيئة تحرير المجلة الدولية للحالات الطارئة للصحة العقلية والمرونة البشرية ومجلس إدارة جمعية الاكتئاب والاضطرابات العاطفية المتعلقة به. وقد تخرج في أكاديمية وست بوينت العسكرية بالولايات المتحدة وهو حاصل على درجات علمية من جامعة بريجام يونغ وجامعة ميريلاند. عرض أقل