لقد أدى تسارع التاريخ إلى تغيير عميق في حياة الفرد التي كانت ، في القرون الماضية ، تجري في قرن تاريخي واحد ، أما اليوم فإنها تغطي جانباََ من قرنين وأحياناََ أكثر . إذا كان التاريخ يتقدم في السابق على نحو أبطأ بكثير من حياة البشر ، فإنه اليوم هو الذي يركض ، هو الذي يمضي أسرع ،
هو الذي يفلت من الإنسان ، إلى درجة يخشى معها أن تتحطم استمرارية الحياة وهويتها . وفي القرن العشرين وشيئاََ فشيئاََ ، اكتشفت الرواية النزعة الجنسية بكل أبعادها . في أمريكا ، بشرت ورافقت انقلاب الأعراف الكبير الذي حدث بسرعة تبعث على الدوار . وفي الخمسينيات ، كنا ما نزال غارقين في نزعة طهرانية لا هوادة فيها ، ثم تغير كل شيء في عقد واحد : اختفى الحيز الشاسع الذي يفصل بين أول مغازلة وبين فعل الحب . لم تعد تلك المنطقة العاطفية المحايدة تحمي الإنسان من الجنس ، بل بات يواجهه مباشرة وبعناد .
ميلان كونديرا